الثلاثاء، ٤ ديسمبر ٢٠٠٧

الفصل السابع : حرب أكتوبر 1973

حرب أكتوبر1973

يقول البدوى

" هناك أناس فى العالم يصنعون الحروب ويقتلون النساء والأطفال ، إذا واجهناهم بوداعتنا وحمامة السلام التى على وجوهنا سحقونا ، وإذا أرسلنا عليهم الصواعق من السماء وصفونا بالتوحش "

" أتمنى أن أحمل على بساط الريح ، وانطلق وأدمر كل المصانع التى تصنع الخراب والدمار للبشر .. القنبلة الذرية .. وقنبلة الكوبالت .. والهيدروجين وكل ما يجىء بعدها .. وكل ما يحطم الحضارة ويشل عقـل الإنسـان .. وكل ما يشـوه الجمال والسكون ويمنـع الحقيـقة من أن تنطلق من الأفواه .. وكل ما يقتـل روح البشر"

******

كتب محمود البدوى ست قصص ذكر فيها القليل من أحداث الحرب " عدا اثنتين الحدث فيهما كثير وهما قصتى " الحارس والرسالة " أما القصص الأخرى فلا يتعد الخبر فيها بضعة أسطر وهو فى معرض الحديث عن الشخصية أثناء القاء الضوء على ماضيها وهو يعرضها بخيرها وشرها كما هى موجودة فى الحياة ، ليستطيع القارىء متابعة نمو الشخصية أثناء الأحداث ، ويرد كل ما يجيش فى صدرها وعقلها من عواطف وخواطر وانفعالات إلى أسبابه وبواعثه الحقيقية ، وكأن البدوى يريد أن يقول " إن مستقبل الإنسان مرتبط بتصرفاته وأفعاله وأعماله فى الماضى ، وهى التى تحدد شخصيته فى المستقبل .

ومن خلال أحداث تلك القصص أستطيع أن أحكى وقائعها

حرب اكتوبر1973

أثرت هزيمة حرب 1967 فى الشعب ، وكان يفكر دوما فى الحرب وما الذى يستطيع عمله لإرضاء الوطنية المشتعلة فى النفوس . وكانت إسرائيل ككل عادتهم فى الحروب ، حركهم جبنهم إلى ضرب مدرسة بحر البقر وما تحت مرماهم فى الإسماعيلية والسويس ، ليثيروا الشعب ضد حكامه ..

وهل شهر رمضان بنوره الكريم على الأمة الإسلامية ، وكنا فى الخريف ، ولم تشتد بعد وطأة الحر على الصائمين ، وبعد صلاة الظهر بقليل ، والناس لايزالون فى المساجد ، أذاع الراديو أن الجيش المصرى عبر خط بارليف ، ورفع العلم المصرى على شرق القنـاة ، وانتفـض الناس من الفرحة وهللوا وكبروا فى المساجد والشوارع والبيوت وفى كل مكان ، ولم يكن أكثر الناس تفاؤلا يقدر الانتصار بعد الهزيمة .

وتطوعت النساء فى الهلال الأحمر وفى الجمعيات النسائية ليعملن فى المستشفيات ، وسار العمل فى البلاد بصورة طبيعـية فى النـهار ، وفى الليل يحس الأهالى بجو الحرب ، من الإظلام فى الشـوارع والبيوت وخاصة سكان البيوت المجاورة للصحراء .

وكان الغريب الذى لايعرف طباع الشعب المصرى ، يتوقع الانهيار التام ، فالشعب المصرى يتحرك فى المحن بقلب واحد وعزيمة صلبة وينسى متاعبه ليحقق هدفه ، فكل شىء يقبل إلا الهوان ..

فالحرب مع اسرائيل لا تشيع فى قلوبنا الخوف ولو امتدت مائة عام ، وانما الخوف جاء من الداخل ، ولم يأت من الخارج قط ، وعندما ذهب شبح الخوف ، عادت إلينا القوة ، وعبرنا القناة وانتصرنا .

لقد انتصرنا بالجندى الأصيل ، وبالشجاعة الضاربة فى الجذور عبر اعماق التاريخ ، وبالإنضباط الدقيق ، والنظام الصارم .

إن الرجال فى العالم كله لا يرغبون فى القتال ولا يؤمنون بالحـرب أبدا ، ولايمكن أن يفكروا فيها ، والسلام سيحمل فى طياته السـعادة للبشرية والرخاء والأمان والحرية التى يتطلبها كل إنسان .

ويتمنى الراوى فى قصة "حـوار فى الطريق" أن يحـمل على بساط الريح ، وينطلق ليدمر كل المصانع التى تصنع الدمار والخراب للبشر .. القنبلة الذرية .. وقنبلة الكوبالت والهيدروجين وكل ما يجىء بعدها .. وكل ما يحطم الحضارة ويشل عقل الإنسان .. وكل مايشوه الجمال والسكون ويمنع الحقيقـة من أن تنطلق من الأفـواه .. وكل ما يقتل روح البشر .

فلقد تعذبت البشرية من الطغاة الذين دمروا نفس الإنسان ، منذ عصر نيرون ، وهم يحاولون تدمير البشرية وتلطيخ وجهها فى الطين ، والقوا القنابل الذرية والقنابل السامة على الشعوب الآمنة ، وعذبوا الأبرياء فى السـجون وهتكوا أعراض النساء ، وسـحقوا بجيوشـهم ودباباتهم الأطفال الرضع ، وسمموا دم البشرية بحيلـهم وخـداعهم ، وعلقوا رجالها الأفذاذ فى المشانق ليخلوا لهم الجو لتدمير الحياة ." قصة الإنسان " .

******

وبعد الحروب الدامية فى سنة 1948 وسنة 1956 وسنة 1967 وسنة 1973 ، حروب ذرعت الحقد والخوف فى النفوس .. وذهب فيها آلاف الشهداء ، وضربت فيها المدن ودمرت .. فكر الرجل العظيم رئيس مصر السادات ، فى أن ينهى هذا كله مواجهة .. ودون لف أو دوران ، وذهب إلى القدس .. يحمل حمامة السلام وراية السلام البيضاء .. واستجابت له النفوس واهتـزت من الفرحة القلوب .

فما جدوى القتل وما جدوى التدمير ، وما الذى يستفيده الناس من الحروب ، الغالب والمغلوب فى خسارة .

وسأقوم باستعراض قصتى " الرسالة " و " الحارس " لأبين الهدف والمقصود من وراء كل كلمة ، وكل جملة ، وما وراء السطور .

================================

ليست هناك تعليقات: